الأحد، 22 يناير 2012

دمشق موسكو - موسكو واشنطن

مكرم كامل
يدور الحديث اليوم حول الملف السوري ، وضرورة حله داخل البيت العربي، وان التدويل لا يخدم اي طرف ؟
المفارقة الاولى تتعلق  بالبيت العربي، حيث يدور التقييم للديمقراطية والحرية في سوريا وفي غيرها من دولنا العربية ، ومع كل التحفظ والشجب والرفض لكل ممارسات النظام السوري اليومية ضد شعبه، الا انه من المستهجن والمثير للقرف حتى النخاع، سماع تصاريح الملوك والزعماء والحكام العرب وممثليهم في الجامعة العربية والمحافل السياسية والاعلامية ، خاصي الغربية منها، يدعون فيها للحرية وحقوق الانسان والتغيير وحتى الحداثة والعلمانية وغير ذلك من تعابير فقدت معناها وقيمتها بسبب رخص وكذب ناطيقيها، فهل يعقل ان يصبح امير قطر، سليل مدارس المخابرات البريطانية سابقا ومركز الثقل للولايات المتحدة في الخليج العربي اليوم ويدها الطولة ، يقرر ويحاضر بحرية لا يعلم عنها شيء، وديمقراطية هي ابعد ما تكون عن ما يمرسه في امارته، وإذا كان حمد بن خليفة قائد الحملة ومرشد الثورات  فتخيلوا باقي الجوقة.
المفارقة لثانية موضوع التدويل الذي يحذر منه القريب والبعيد، متناسين عمدا ان كل مل يحصل اليوم في سوريا ومنذ اللحظة الاولى لعبة دول وعلى اعلى مستوى

موسكو دمشق

رغم تغير النظام في روسيا وسقوط الاتحاد السوفيتي الحليف القوي والقديم لسوريا، الا ان النظام الجديد- خاصة بعد مرحلة بوتين وتجدد الدور الروسي في الشرق الاوسط- جعل من سوريا نقطة ارتكاز اساسية ، لتكون المنفذ الوحيد لهم على المياه الدافئة، ولتشكل بعد استراتيجي متعلق بالامن القومي لروسيا، لذلك فالملف السوري اساسي بكل تفاصيله لموسكو وبالتالي اي خلل او تغيير بالتوازن في الشرق المتوسط يستدعي موقف وتدخل مباشر من قبلهم.
وكما هو واضح وجلي ان موسكو تضع كل ثقلها الدولي لمنع تدخل واشنطن من مد نفوزها الى الساحة السورية ، والخطاب الروسي اليوم عالي اللهجة اكثر من اي وقت سابق بما في ذلك ايام ازمة الشيشان ، وذلك يظهر مدى اهمية بقاء النظام الحالي قائم ولو لفترة مستقبلية محدودة، للتمكن موسكو من اعادة ترتيب وضعها بما يضمن لها استرار نفوذها على اخر معاقلها في المتوسط
الازمة السورية اليوم دولية بكل امتياز، يتداخل فيها العربي الاقليمي بقوة، خاصة بما يتعلق بالحلف السوري الايراني الذي شكل ضغطا كبيرا في السابق غلى خطط الادارة الاميركية ، حتى انه افشل بعضها ، لذلك نجد الغرب، اوروبا بقيادة فرنسا واميركا بدعمها كل من تركيا وقطر مهتمين بجدية بما يدور في سوريا بالتحديد، في محاولة لتغيير خريطة التحالفات القديمة في المنطقة، وتطويق ايران وعزلها قدر الامكان عن حلفائها العرب .

وفي قلب كل ذلك يبقى الشعب السوري وثورته التي لم تعد تشبه الثورة  في شيء بقدر ما هي ابادة جماعية يقودها النظام من جهة واجهزة المخابرات الغربية وحلفائهم العرب من جهة اخرى ، لا شك ان لكل ثورة ضحياها وشهداؤها لكن ما يحصل اليوم في سوريا تخطى الاصلاح وتخطى الثورة ، انه بكل بساطة ووضوح واسف مشروع ابادة