الاثنين، 17 فبراير 2014

بلد "الفوتوشوب"

 
مكرم كامل
 
 
الصورة التذكارية للحكومة العتيدة جاءت في سياق وضع البلد، وتعبيرا دقيقا عن ما يجري فيه عاموديا وافقيا، فكل هذه الانقسامات والعصبيات المتبادلة، تجلت بشكلها الرقمي تماشيا مع روح العصر، وريادة لبنان في كل جديد وعصري، وإن كان السب الاساسي لهذه التخريجة كثير الواقعية فرضته ظروف موضوعية، الا انه يحمل من رمزية وتأويل ما يتناسب مع ما نعانيه في هذا الكيان الذي لم يرقى بعد ليصبح وطنا ويختصره بكل وقاحة .
في بداية التسعينات ومع توقف الحرب المسلحة، أغمض الجميع أعينهم مسحوا ذاكرتهم حتى دون أن يتلوا صك الغفران، تواطئ الجميع وقتها على الغاء ما يقارب العشرين سنة من حياتتا أكلتها الحرب والانقسامات، وقتها سكت الجميع من يسار ويمن علمانيين ومذهبين وطائفيين، إلا قلة صرخة من أجل المحاسبة والمراجعة حتى لا نعود الى ما كنا عليه، لكن صوتها ضاع حينها في خضم الاعمار والرشاوة وتقاسم البلد بين امراء الحرب وسلاطين المال.
ثم كان عود على بدء، حروب اهلية صغيرة تاكلنا وتجتاحنا هنا وهناك، انتحاريون هم قتلة عند بعض وشهداء وابطال عند اخرين، صراعة اقليمية ودولية تهيمن على المنطقة وتجرفنا كما هي العدة في تياراتها، قيادة في معظمها هي نفسها من خاض الحرب السابقة، وتزود بمال السلم والاعمار ليعود اكثر قوة وشراسة، والاخطر أكثر تعصبا وقدرة على تجييش جماهيره، غابت كل الاحزاب العلمانية واليسارية أو التحقت بطوائفها ومذاهبها، جارفة معها كل ما كان حتى في زمن الحرب يشكل بارقة أمل من نقابات وجمعيات وحركات مدنية، ليفرخ ماكنها داكاكين اعانات ومشاريع مشبوهة ممولة من كل اجهزة مخابرات العالم، حتى تلك القلة التي صرخت في وقت ما اصابها الخرس او الاعياء او التشرد.
حكومة اليوم هي حكومات البارحة، توافق وكذب وتواطئ على  تقسيم الحصص والغنائم، حكومة يجلس فيها جنبا إلى جنب القاتل والمقتول من الطرفين فكل منهم قاتل ومقتول، مغمضين أعينهم  وصامين أذانهم حتى عن ما قالوه هم قبل ايام من توزيرهم، في اعادة مكررة للطريقة اللبنانية في السياسة،وبالتلي ما ستنتجه هذه الحكومة هو ذاته ما انتجه هذا النظام ما قبل وما بعد الطائف، مزيد من الانقسام والتعصب والمذهبية، كثير من الفقر والبطالة والموت المجاني، وصفقات ومشاريع وتلزيمات بالتراضي بين طغمة فاسدة تصرف ارواح قتلانا ارصدة لها في البنوك.
وفي انتظار حلقات الحرب القادمة والموت المجاني، ننتظر سيارة عابرة للحياة على مفرق طريق تجعلنا نجوما على الشاشات أو خبرا في نشرة اخبار، وإن كان منا محظوظ فقد يذكر اسمه على ال "س ن ن"