الأحد، 16 يونيو 2013

روحاني والقديم الجديد

مكرم كامل
 
 
 
تشهد المنطقة اليوم أحد أكبر الصارعات في القرن الواحد والعشرون، ولإيران فيها دور اساس قد يكون الاكبر والاخطر، وهو الركيزة الاساسية التي يبني عليها الفربق االمعادي لإيران هجومه، فهي الدولة الفارسية المعادية للعرب والتي لها مطامع تاريخية فيه حسب بعضهم، والدولة الشيعية التي تهدد استقرار دول السنة التاريخيلبعضهم الاخر، والذي طالما عانى من بعض الثورات القلائل عبر تاريخه لكن لم يصل الخطر يوما إلى مستوى دولة مركزية قوية يمكن لها أن تلعب دوارا كبير في اعادة رسم موازين القوى في العالم الاسلامي.
في خضم كل هذا تشهد ايران اليوم وكما بدا واضحا ، صعود نجم الاصلاحيين من جديد بشخص حسن روحاني، وهو كان قد طرح الكثير من المواقف الجريئة أبان حملته الانتخابية طالت مواضيع مصنفة ممنوعة وخطيرة في القاموس التقليدي الايراني، مثل العلاقة مع الولايات المتحدة، والملف النووي، وحرية التعبير ووضع الاعلام  وغير ذلك من شعارات لا بد أنها أثرت كثيرا في جذب الكثير من أصوات الشباب لصالحه.
لكن هل فعلا نحن أمام تغيرات حقيقية في ايران وما مدى تأثيرها على السايسة الخارجية وعلاقة ايران بالمنطقة وملفاتها.
على الصعيد الداخلي يبقى التغيير منحصرا ضمن الضوابط الدينية والشرعية، وقد تكون تجربة خاتمي خير دليل على الانفتاح الموجه الذي قاده، بمعنى أن الوضع الداخلي الايراني لن يتجاوز عتبة الولاية الفقهية، ولن تكون هناك بأي شكل معارضة حقيقية خارج بوتقة الدين والمرشد الاعلى، بمعنى أن الحد الاقصى الذي يمكن أن تصل اليه هو القليل من التراخي في المراقبة والملاحقة في الامور الشرعية التي كان نجاد قد اعادها الى الشارع، مثل الشرطة الدينية والرقابة القاسية على الاعلام والعمل الطلابي في الجامعات، أما حلم ممارسة أي نوع من الحرية الحقيقية في ظل النظام القائم فهو مجرد كلام فارغ وغير واقعي.
خارجيا، هناك موضوعين اساسيين يشغلان ايران في الاونة الاخيرة، الملف النووي وعلاقتها بالغرب، والوضع العربي وخاصة سوريا وفلسطين، في الملف النووي يبدو أن ايران تستعمله بشكل اساسي من أجل ابتزاز الغرب والتفاوض معه على ملفات كثيرة أخرى متعلقة بالعزلة الايرانية والحظر المفروض عليها، من جهته يحاول الغرب ايضا استعمال الملف النووي من أجا مفاوضة ايران من جهته على ملفات تتعلق بإسرائيل ولبنان والنفط والدور في العراق، ولا يغيب عن ذلك الدور الروسي والصيني الذي يشكل دعما خلفيا للموقف الايراني في محاولة لايجاد توازن قوى جديد عالميا، صار واضحا وجليا في الصراع القائم اليوم في سوريا، ويبدو أن صعود الدور الروسي وظهوره بشكل قوي سيكون له تأثيرا قويا على سياسة ايران الخارجية خاصة اتجه الولايات المتحدة الاميركية، وليس بالضرورة أن الموقف الايراني سيصبح اكثر تشددا بل على العكس قد يصبح أكثر تراخيا بسبب الشعور بالامان والقدرة على التفوض والاتفاق بشك ندي.
في ما يخص المنطقة وخاصة في سوريا ولبنان، لا يبدو أن السياسة الايراني متجهة إلى أي تغيير جدي، حيث أن الورقتين الاخيرتين في يدها اليوم هما حزب الله والنظام السوري، ولن تقبل ايران بالتخلي عن أي منهما بشكل طوعي، خاصة بعد خروج حماس من تحت وصايتها وانقلابها على ما يسمى خط الممانعة، ورغم الغزل الكبير بين مصر مرسي والإيرانيين إلا أن مصر اليوم تشكل عائقا لم يصل بعد إلى التهديد للدور الايراني، وبشكل خاص فيما يتعلق بالملف الفلسطيني والذي يعتبر حجر اساس في المنظومة الفكرية الايرانية ومبرر تدخلها في كل ما يخص المنطقة.
خروج نجاد والمحافطين قد ينعكس ايجابا ولو بشكل نسبي على الداخل الايراني، لكن صعود الاصلاحيين بشخص روحاني المقرب من المرشد الاعلى خامنئي لن يكون له تاثير جوهري على ايران وسيبقى الايرانيون تحت نفس العباءة الدينية وبنفس المنظومة القديمة.