الأربعاء، 22 فبراير 2012

"حزب الله" بين الثورة والمؤامرة

مكرم كامل 


وضعت الثورات العربية الكثيرين منا أمام خيارات ومواقف متشابكة، قلة من استطاع ان يحدد مواقفه مما يجري بشكل واضح وغير ملتبس ، على الاقل بينه وبين نفسه، الا أن هذا الارباك لم يقتصر فقط علينا كأفراد بل تجلى بشكل واضح وكبير لدى العديد من القوى السياسية اللبنانية، من يمينها الى يسارها، سلطة واحزاب.
وقد يكون " حزب الله " الجهة الاكثر تشوشا وتناقضا في مواقفه مما حصل ويحصل في الشارع العربي، من ثورة تونس الى الثورة السورية واحداث القطيف في السعودية مرورا طبعا بثورة البحرين. تونس التي اخذت الكل على حين غرة، كانت ثورة الاجماع العربي منذ بدايتها، فهي اولا بعيدة وحيادية ولا يشملها مخطط التقسيم المذهبي السني- الشيعي، ولا تدخل في حساب الصراعات الشرق أوسطية المتصلة مباشرة يقضايا " حزب الله " العقائدية منها والسياسية.
في مصر الوضع مختلف، ليس فقط على " حزب الله " بل على كل العالم العربي، فهي شكلت منذ ايام الفراعنة احد الاقطاب الاساسية في معادلة الصراع على الشرق الاوسط، وشكل ضعفها او قوتها عاملا اساسيا في رسم سياسة المنطقة عبر التاريخ القديم والحديث، من جهة اخرى جاءت ثورة مصر بعد تونس حيث كنا اكثر استعداد وقبولا لفكرة التغير ولو نسبيا، " حزب الله " وهو احد الحركات المقاومة والتي تصنف كحركة تحرر، رحب بثورة مصر ووقف الى جانبها تصريحا ودعما، ةاتهمه خصومه والنظام المصري حينها ان له يدا فيها، وهو شرف اكثر منه اتهام لو صح ذلك.
توالت الثورات فوصلت للبحرين بعد ليبيا واليمن، وهنا كان موقف حزب الله اكثر جذرية  ودعما، واعتبر نفسه معنيا بها مباشرة لدرجة الدخول بصراع خطابي مع فريق 14 اذار وخاصة تيار المستقبل كما لو ان الثورة تحصل في لبنان – مع الاخذ بعين الاعتبار ان الفريق الاخر لا يقل تحيزا ودوغماتية – وقد يكون احد اسباب البعد المذهبي الذي اخذته ثورة البحرين او صورة به، هو المواقف الخارجية التي تعاطت مع هذه الحركة على اساس صراع اقليمي تحكمه ايران من جهة والسعودية من جهة اخرى، وهو صراع اكبر من تتحمله هذه الثورة وهذا البلد الصغير عددا ومساحة .
وكانت سوريا، مما لا شك فيه ان النظام السوري تميز عن باقي الانظمة العربية في الكثير من المواقف الاقليمية، خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي، لكن الواقع الداخلي السوري لا يتميز عن باقي العال العربي بشيء، وهو واحد من الانظمة القمعية الامنية المستبدة كغيره من الدول العربية خاصة التي تدينه اليوم وتدعوه الى التغيير، هذه الانظمة قاطبة هي وريث الاستعمار القديم وربيبة الدول شركات الغرب الحالية التي تتحكم وتدير الحكم فيها عبر حكامها وملوكها، وما حصل ويحصل اليوم في سوريا يغض النظر عن الملابسات والتدخلات والتيارات المختلفة، هو صنيعة هذا النظام الذي جوع وقهر واستبد بشعبه لسنوات طويلة رافضا التطور والتغيير.
"حزب الله " كان ومنذ اللحظة الاولى، وبخلفية ما تربطه من علاقات ومصالح مع هذا النظام، معاديا ومعارضا لاي تحرك ضده، وهو اعتبر منذ اللحظة الاولى أن كل التحركات سلمية كانت او غير سلمية هي مؤامرت على النظام الحاكم والذي رفض أو غض النظر عن كل مشاكله وطبيعته الديكتاتورية المشابه لكل باي الانظمة العربية بما فيها البحرين، لكن الاخطر في مواقف " حزب الله " واعلامه – المنار والنور – أنه ولتبرير موقفه المعادي لتحركات الشعب السوري بمجملهان لجئ الى شن حملة تخوين طالة كل الثورات العربية، معتبرا ان كل ما يحصل هو من ضمن خطة  لتغيير وجه المنطقة ككل وطبعا لمصلحة اميركا واسرائيل، وبالتالي فكل الثورات العربية هي مؤامرة الا البحرين – ودون اي مبرر منطقي- فهي ثورة لمظلومين ضد حكامهم بعيدا عن اي مؤامرات خارجية؟ ، هذه المواقف الانتقائية تطرح تسئلة كبيرة امام حزب طرح نفسه كحركة تحرر وطني – رغم طبيعته المذهبية التي يحاول تخطيها بخطاب وطني جامع- من المفترض أن تكون على الاقل حيادية – على طريقة حماس – اذا لم تكن متضامنة وداعمة لاي ثورات عربية تسعى الى التغيير ةالتطوير في دولها ومجتمعاتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق