الاثنين، 4 أبريل 2011

أن تـكــون طــائـفـيــاً أو شـيــوعــيــاً؟

مكـرم كامـل

لبنان اليوم منقسم، على صغره الى محاور سياسية وانقسامات فئوية ليست غريبة عن تاريخه الحديث. هذه الانقسامات تتغير وتتبدل حسب معطيات داخلية حينا وخارجية غالبا. ورغم الشكل المعقد، هو أكثر تبسيطا ووضوحا وجلاء. الانقسام الأكبر المتبدي اليوم على الساحة اللبنانية هو بين تيارين يسمي احدهما نفسه معارضة والثاني موالاة أو اكثرية
المعارضة التي يفترض أن تكون عادة ضد النظام القائم و مناقضة له، مؤلفة من مجموعة من القوى السياسية البرجوازية ـ الطائفية المشاركة حديثا وقديما في صيغة الدولة اللبنانية الحاكمة، ومستفيدة من الشكل الطائفي والبرجوازي لهذا النظام بل من المتشددين في الحفاظ على هذه الصيغة العفنة والمتوارثة.
أما الموالاة أو فريق الأكثرية الذي يحتل اليوم دور السلطة الحاكمة (!) فلا يختلف بشيء عن الفريق الأول من حيث التركيبة الداخلية والعقائدية، اللهم الا مسألة المقاومة ضد العدو الإسرائيلي والتي استعاض عنها بعدو أخر هو السوري وكلنا يعرف حيثيات هذه القضية.
لكن هل فعلا هناك معارضة وسلطة ؟. أليس الطرفان يحمـلان على المستوى الـداخلي نفس المشروع السـياسي؟. ومـا هو الفارق بين الطرحين؟ والكلام هنا يدور بعيدا عن مسالة الصراع السيـاسي لما يحمله من تفـاصيل وشرح يطول.
إن الصراع الحقيقي الدائر اليوم هو بين مشروعين متشابهين بل متماثلين يتقاتلان للهيمنة على السلطة، أو تقاسمها فيما بينهما، معتمدين كلاهما التجييش الطائفي والمذهبي، مستفيدين من بعضهما البعض إلى درجة التكامل في تبادل الأدوار لإبقاء الشارعين على نفس المستوى المتدني، اقتصاديا واجتماعيا وفكريا وبمستوى عال جدا من الطائفية والمذهبية.
لكن هناك مستوى أخر لهذا الصراع وإن كان المد الطائفي يطغى عليه ويخفيه، هو الصراع بين الطبقة الحاكمة بكل أشكالها وطوائفها وعامة الناس الرازحين تحت نير الجوع والفقر والتخلف.
الواقع المعاش يظهر بقوة ووضوح أننا نعيش الصراع الطبقي بشكل حاد ومؤلم، والتفاوت اليوم بين قلة من أغنيائه وبين باقي المواطنين لم يكن اشد من ذلك قبلا وهو يزداد يوما بعد يوم، في غياب أي شكل منظم لتحرك. لكن أين هو موقعنا نحن الفقراء من هذه الهجمة البشعة علينا ؟
نحن اليوم متقوقعون داخل طوائفنا، متناحرون وناحرين لأنفسنا. متراصون خلف قلة من الزعماء الطائفيين المستفيدين من تفرقنا وتقاتلنا بعيدا عنهم وعن مصالحهم التي تسير على أفضل ما يكون.
من الصعب اليوم أن تأمل من اليساريين وخاصة الشيوعيين أن يلعبوا دورهم التاريخي في النضال من اجل مصلحة الطبقات الدنيا والمُستغلة والتي استطاعت سابقا أن تبلور لنفسها شكلا نضاليا انتزعت من خلاله بعض الحقوق الخجولة والتي عدنا فخسرناها اليوم، مع خسارة كل الأشكال النقابية و السياسية الملتزمة قضايا الفقراء والعمال. لكن أن لم ترد أن تكون شيوعيا، ولك الحق في ذلك، ما ذا يجب أن تكون ؟.
هذا المقال نشر في جريدة السفير بتاريخ 10/7/2008  لكن ما زال يصلح للنشر اليوم ويا للأسف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق