الجمعة، 4 فبراير 2011

تونس ومصر اولا

طال الانتظار حتى فاض نيل مصر بشرا، طوفانا نامل ان لا يقف عند حدود مصر، كما فاضة انتفاضة تونس لتطال كل الحكام العرب من محيطها الى خليجها، وان كان شعب تونس الثائر الذي تخلص من طاغيته بن علي، ويكمل اليوم مسيرة التغيير لاسقاط من بقي من عفن النظام السابق، ان كان هو الشرارة الاولى التي اوقدت نار الثورة والتغيير في صدور الشعوب العربية، الا ان لمصر خصوصية لا بد من التوقف عندها لما تشكله من وزن واهمية في صياغة السياسة العربية .

ومن اهم هذه الخصائص موقع مصر على بوابة افريقيا وعلى حدود فلسطين، وقد لعب النظام المصري منذ عهد انور السادات دور حارس البوابة الافريقية فكان بالاضافة الى الكيان الصهيوني في فلسطين منطقة عزل قاسية بين الشعوب العربية، وبشكل خاص بين عرب افريقيا وفلسطين وقد ساهم هذا الوضع – مع ظروف موضوعية اخرى - الى تراخي شعورهم وارتباطهم بقضية فلسطين وبالتالي بعدهم اكثر عن مشرقهم العربي، قابله نفس الوضع في دول المشرق اتجاه مغربها وان اختلفت العلاقة مع القضية الفلسطينية لما يحكمها من ارتباط عضوي وجغرافي

وتعتبر مصر ايضا ورغم كل المد الوهابي ومحاولة تهميش الازهر ودوره، المرجع الاسلامي الابرز لكافة جمهور السنى والذي يشكل غالبية العالم العربي، لكن هذه المرجعية الهامة والتي لها دور هام في تكوين المزاج الشعبي العام، صودرت لفترة طويلة من قبل النظام المصري وقد تكون فترة حكم مبارك هي الاكثر هيمنة على هذه المؤسسة، حتى قيل ان بعض ما صدر عنها يمكن وضعه في خانة التصهين، او على الاقل بتأثير من التدخل الاسرائيلي في كل شؤون مصر حتى طال الازهر نفسه، حتى صار افي الكثير من المحطات مركز وخط دفاع السلطة الحاكمة ليس فقط في وجه المصريين فقط بل كسلاح فعال ضد كل المنتقدين للنطام المصري داخلا وخارجا.

اما البعد الاخر والذي يميز مصر هو الوضع الديمغرافي – الاقتصادي، حيث تعتبر مصر الدولة الاكثر تعدادا بين كل الدول العربية والاكثر قدرة على التاثير في توازن القوى، خاصة في ما يخص الصراع العربي الاسرائيلي، والذي ساهم النظام المصري بقوة على تحويله الى صراع فلسطيني اسرائيلي وفلسطيني فلسطيني، وابعاد الشارع المصري عن اي شكل من اشكال التعاطي او المساهمة في هذا الصراع، كما ان للبعد الديمغرافي جانب اقتصادي هام، حيت تكمن في مصر طاقات انتاجية هائلة وامكانية حقيقة لبناء نظام اقتصادي قوي يشكل منافسا قويا لاسرائيل وخطرا حقيقيا عليها، ومن هنا نرى كيف حول النظام المصري عبر عقود وبشكل مدروس الاقتصاد المصري من الانتاج الى الاستهلاك، خاصة في مجال الزراعة والانتاج الزراعي، حيث عمل على تدمير هذا القطاع بشكل منظم وتحويله الى قطاع الخدمات المرتبط بشركات كبيرة مهيمنة ومحصورة في الطبقة المحيطة برموز السلطة الحاكمة

من جهة اخرى فان لمصر بعد تاريخي رمزي، ارتبط من بادية الفتح الاسلامي مرورا بكل المحطات الهامة التي عاشتها المنطقة العربية، وقد تكون ثورة الضباط الاحرار ومرحلة عبد الناصر في اواسط القرن الماضي العلامة الابرز والتي ما زالت الى اليوم مؤثرة في الوجدان العربي بعض النظر عن ما حملته من اخطاء وثغرات، وما زال النظر شاخصا الى مصر من قبل الاقطار العربية الاخرى خاصة على الصعيد الشعبي.

لذلك فان اي حراك سياسي او تغير في التركيبة المصرية سيكون له انعكاس على كل الشارع العربي، وسيشكل بداية تغير تمتد الى كافة الانظمة العربية المماثلة، وفي نظرة الى التاريخ القريب نلاحظ كيف ساهمت الثورة المصرية في انتج حركة تحرر عربي شاملة في فترة الستينات، وهو ما نراهن عليه اليوم في ما يحصل في الشارع المصري، ورغم ان التحركات ما زالت في اولها الى ان رهاننا على قوة الشعب المصري وتوقه الى التغيير والحرية، تفتح امامنا باب الحلم للولوج الى مرحلة جديدة في عالمنا العربي يكون فيها الكلام للشارع وللناس الذين حكموا لفترة طويلة من قبل طغم راسمالية متوحشة استغلت تعبنا وامتصت خيراتنا وسرقت بلادنا ، ما هو في مصر موجود في كل دول العالم العربي، انظمة فاسدة وشعب مستعد وحاقد وله عليها ثار، فلتكن تونس ومصر اولا ولكن ليس اخرا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق